ومن عقوبات المعاصي : سقوط الجاه والمنزلة
والكرامة عند الله وعند خلقه ، فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم ، وأقربهم
منه منزلة أطوعهم له ، وعلى قدر طاعة العبد تكون له منزلته عنده ، فإذا
عصاه وخالف أمره سقط من عينه ، فأسقطه من قلوب عباده ، وإذا لم يبق له جاه
عند الخلق وهان عليهم عاملوه على حسب ذلك ، فعاش بينهم أسوأ عيش خامل الذكر
، ساقط القدر ، زري الحال ، لا حرمة له ولا فرح له ولا سرور ، فإن خمول
الذكر وسقوط القدر والجاه معه كل غم وهم وحزن ، ولا سرور معه ولا فرح ،
وأين هذا الألم من لذة المعصية لولا سكر الشهوة ؟
ومن أعظم
نعم الله على العبد : أن يرفع له بين العالمين ذكره ، ويعلي قدره ، ولهذا
خص أنبياءه ورسله من ذلك بما ليس لغيرهم ، كما قال تعالى : واذكر عبادنا
إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى
الدار [ سورة ص 45 : - 46 ] .
أي : خصصناهم بخصيصة ، وهو الذكر
الجميل الذي يذكرون به في هذه الدار ، وهو لسان الصدق الذي سأله إبراهيم
الخليل عليه الصلاة والسلام حيث قال : واجعل لي لسان صدق في الآخرين [ سورة
الشعراء : 84 ] .
وقال سبحانه وتعالى عنه وعن بنيه :
ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا [ سورة مريم : 50 ] .
وقال
لنبيه - صلى الله عليه وسلم : ورفعنا لك ذكرك [ سورة الشرح : 4 ] .
فأتباع
الرسل لهم نصيب من ذلك بحسب ميراثهم من طاعتهم ومتابعتهم ، وكل من خالفهم
فإنه بعيد من ذلك بحسب مخالفتهم ومعصيتهم .