Lord-Ahmed
عدد المساهمات : 452 تاريخ التسجيل : 28/05/2013
| موضوع: زيد الخير - لله درُّك يا زيد .. أي رجل أنت ؟! { صور من حياة الصحابة } الثلاثاء يونيو 04, 2013 2:33 pm | |
| زيد الخير .
(لله درك يا زيد ............أي رجل أنت ؟!).
محمد رسول الله .
الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام فإليك صورتين لصحابي جليل خطت أولاهما يد الجاهلية ، و أبدعت أخراهما أنامل الاسلام . ذلك الصحابي هو ( زيد الخيل ) كما كان يدعوه الناس في الجاهلية .......... و ( زيد الخير ) كما دعاه الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم بعد اسلامه . أما الصورة الأولى فترويها كتب الأدب فتقول : حكي الشيباني عن شيخ بني ( عامر) قال : اصابتنا سنة مجدبة هلك فيها الزرع و الضرع ، فخرج رجل منها بعياله إلى الحيرة و تركهم فيها ، و قال لهم : انتظروني هنا حتى أعود إليكم . ثم أقسم ألا يرجع إليهم إلا إذا كسب لهم مالا أو يموت . ثم تزود زادا و مشي يومه كله حتى إذا أقبل الليل و جد أمامه خباء ( خيمة ) و بالقرب من الخباء مهر مقيد فقال : هذا أول الغنيمة ، و توجه اليه و جعل يحل قيده ، فما ان همّ بركوبه حتى سمع صوتا يناديه : خلِّ عنه و اغنم نفسك ، فتركه و مضى. ثم مشى سبع أيام حتى بلغ مكانا فيه مراحا للابل ، و بجانبه خباء فيه قبة من جلد تشير الى الثراء و النعمة ، فقال في نفسه : لابد لهذا المراح من ابل ، و لابد لهذا الخباء من اهل . ثم نظر في الخباء و كانت الشمس تدنو من المغيب فوجد شيخا فانيا في وسطه ، فجلس خلفه و هو لا يشعر به . و ماهو الا قليل حتى غابت الشمس ، و اقبل فارس لم يرا قط فارس اعظم منه و لا اجسم ، قد امتطى صهوة جواد عال و حوله عبدان يمشيان و عن يمينه و عن شماله و معه نحو مائة من الابل امامها فحل كبير ، فبرك الفحل ، فبركت حوله النوق .....و هنا قال الفارس لاحد عبديه : احلب هذه و اشار الى ناقة سمينة و اسق الشيخ فحلب منها حتى ملئ الاناء ، و وضعه بين يدي الشيخ و تنحى عنه ، فجرع منه الشيخ جرعة او جرعتين و تركه ..............قال الرجل : فدببت نحوه متخفيا ، و اخذت الاناء و شربت كل ما فيه فرجع العبد و اخذ الاناء و قال : يا مولاي لقد شربه كله ، ففرح الفارس و قال : احلب هذه و اشار الي ناقة اخرى و وضع الاناء بين يدي الشيخ فجرع منه الشيخ جرعة واحدة و تركه ، فاخذته ،و شربت نصفه و كرهت ان آتي عليه كله حتى لا اسير الشك في نفس الفارس . ثم امر الفارس عبده الثاني ان يذبح شاة ، فذبحا فقال اليها الفارس و شوى للشيخ منها ، و اطعمه بيديه حتى شبع جعل ياكل هو و عبداه و ما هو الا قليل حتي اخذ الجميع مضاجعهم ، و ناموا نوما عميقا له غطيط . عند ذلك توجهت الى الفحل و حللت عقاله و ركبته ، فاندفع و تبعته الابل و مشيت ليلتي . فلما اسفر النهار نظرت في كل جهة فلم ار احدا يتبعني فاندفعت في السير حتى تعالى النهار . ثم التفت التفاتة فاذا انا بشئ كانه نسر او طائر كبير ، فما زال يدنو مني حتى تبينته فاذا هو فارس على فرس ، ثم مازال يقبل علي حتى عرفت انه صاحبي جاء ينشد ابله . عند ذلك عقلت الفحل و اخرجت سهما من كنانتي و وضعته في قوسي ، و جعلت الابل خلفي ، فوقف الفارس بعيدا ، و قال لي : احلل عقال الفحل قلت : كلا . لقد تركت ورائي نسوة جائعات ( بالحيرة ) و اقسمت ألا ارجع اليهن الا معي مال او اموت . قال : انك ميت .....احلل عقال الفحل ...........لا ابا لك . فقلت: لن احله ....... فقال : ويحك انك لمغرور ...... ثم قال دل زمام الفحل و كانت فيه ثلاث عقد ثم سالني في أي عقدة منها اريد ان يضع لي السهم ، فاشرت في الوسطى فرمي السهم فادخله فيها حتى لكانما وضعه بين يديه ، ثم اصاب الثانية و الثالثة ..... عند ذلك ، اعدت سهمي الى كنانتي و وقفت مستسلما ، فدنا مني و اخذ سيفي و قوسي ، و قال : اركب خلفي ، فقال : كيف تظن اني فاعل بك ؟ فقلت : أسوأ الظن . قال : و لم ؟ قلت : لما فعلته بك و ما انزلته بك من عناء و قد اظفرك الله بي . فقال : اوتظن اني فاعل بك سوءا * مهلهلا * -يعني اباه – في شرابه و طعامه و نادمته نلك الليلة ؟!!!. فلما سمعت اسم *مهلهل* قلت :ازيد الخيل انت ؟. قال : نعم . فقلت : كن خير اسر . فقال : لا باس عليك و مضى الى موضعه و قال : و الله لو كانت هذه الابل لي لسلمتها اياك و لكنها لاخت من اخواتي ، فاقم عندنا اياما انا على وشك غارة قد اغنم منها . و ما هي الا ايام ثلاثة حتيى اغار علي بني ( نمير ) فغنم قريبا من مائة ناقة فاعطاني اياها كلها ، و بعث معي رجالا من عنده يحمونني حتي وصلت ( الحيرة ) . * * * تلك كانت صورة زيد الخيل في الجاهلية ، اما صورته في الاسلام فتجلوها كتب السير فتقول : لما بلغت اخبار النبي صلي الله عليه و سلم سمع زيد الخيل و وقف علي شئ مما يدعو اليه ، و اعد راحلته و دعا السادة الكبراء من قومه الي زيارة ( يثرب ) و لقاء النبي صلى الله عليه و سلم فركب معه وفد كبير من (طيئ) فيهم زر بن سدوس ، و مالك بن جبير ، و عامر بن جوين ، وغيرهم و غيرهم ، فلما بلغوا المدينة توجهوا الى المسجد النبوي الشريف و اناخوا ركائبهم ببابه . و صادف عند دخولهم ان كان الرسول صلى الله عليه و سلم يخطب في المسلمين من على المنبر فراعهم كلامه و ادهشهم تعلق المسلمين به ، و انصاتهم له ، تاثرهم بما يقول : و لما ابصر الرسول صلي الله عليه و سلم يخاطب المسلمين : ( اني خير لكم من العزى و من كل ما تعبدون ........ اني لخير لكم من الجمل الاسود الذي تعبدونه من دون الله ). * * * لقد وقع كلام الرسول صلي الله عليه و سلم في نفس زيد الخيل و من معه موقعين مختلفين فبعض استجاب للحق و اقبل عليه و بعض تولي عنه و استكبر عليه ....... فريق في الجنة و فريق في السعير اما ( زر بن سدوس ) فما كاد يري الرسول صلي الله عليه و سلم في موقفه الرائع تحفه القلوب المؤمنة و تحوطه العيون الحانية حتي دب الحسد في قلبه و ملأ الخوف فؤاده ، ثم قال لمن معه : اني لأري رجل ليملكن رقاب العرب ، و الله لا اجعله يملك رقبتي ابدا........ ثم توجه الي بلاد الشام و حلق رأسه و تنصر . و اما زيد و الاخرون فقد فكان لهم شأن اخر فما ان انتهي الرسول صلي الله عليه و سلم من خطبته حتي وقف زيد الخيل بين جموع المسلمين و كان من اجمل الرجال جمالا و اتمهم خلقة و اطولهم قامة حتي انه كان يركب الفرس فتخبط رجلاه علي الارض كما لو كان راكبا حمار ........ وقف بقامته الممشوقه ، و اطلق صوته الجهير و قال : يا محمد اشهد ان لا اله الا الله و انك رسول الله . فاقبل عليه الرسول الكريم صلي الله عليه و سلم و قال : من انت ؟. قال : انا زيد الخيل بن مهلهل . فقال له الرسول صلي الله عليه و سلم : بل انت زيد الخير ، لا زيد الخيل .. الحمد لله الذي جاء بك من سهلك و جبلك و رقق قلبك للاسلام ). فعرف بعد ذلك بزيد الخير .... ثم مضى به الرسول صلي الله عليه و سلم إلى منزله و معه عمر بن الخطاب و لفيف من الصحابة فلما بلغوا البيت طرح الرسول صلي الله عليه و سلم لزيد متكأ ، فعظم عليه ان يتكئ في حضرة الرسول صلى الله عليه و سلم و رد المتكأ و مازال يعيده الرسول صلى الله عليه و سلم له و يرده ثلاث . و لما استقر به المجلس قال الرسول صلي الله عليه و سلم لزيد : ( يا زيد ما وصف لي رجل قط ثم رايته إلا كان دون ما وصف به إلا أنت).. ثم قال له : ( كيف أصبحت يا زيد ) ؟. قال زيد : أصبحت أحب الخير و أهله و من يعمل به . فإن عملت به أيقنت بثوابه و أن فاتني منه شيئا حننت إليه . فقال صلى الله عليه و سلم : ( هذه علامة الله فيمن يريد ) . فقال زيد : الحمد لله الذي جعلني على ما يريد الله و رسوله . ثم التفت إلى النبي صلى الله عليه و سلم و قال له : أعطني ثلاثمائة فارس ، و أنا كفيل لك على أن أغير بهم علي بلاد "الروم" و ( أنال ) منهم . فأكبر الرسول صلى الله عليه و سلم همته هذه و قال له : ( لله درك يا زيد ......أي رجل أنت ؟!). ثم أسلم مع زيد جميع من صحبه من قومه . و لما هم زيد بالرجوع هو و من معه إلى ديارهم في ( نجد ) ودعه النبي صلى الله عليه و سلم و قال : ( أي رجل هذا ؟!... كم سيكون له من الشأن لو سلم من وباء المدينة !!) . و كانت المدينة المنورة آنذاك موبوءة بالحمى ، فما أن بارحها زيد الخير حتى أصابته فقال لمن معه: جنبوني بلاد ( قيس) فقد كانت بيننا حماسات من حماقات الجاهلية و لا و الله لا اقاتل مسلما حتى ألقى الله عز و جل . * * * تابع زيد الخير سيره حتى ديار أهله في ( نجد ) على الرغم من أن وطأة الحمى كانت تشتد عليه ساعة بعد اخرى فقد ما أن يتمنى أن يلقى قومه و أن يكتب الله لهم الاسلام على يديه . و طفق يسابق المنية و المنية تسابقه لكنها ما لبثت أن سبقته فلفظ أنفاسه الأخيرة في بعض طريقه و لم يكن بين اسلامه و موته متسع لأن يقع في ذنب . * * * رحم الله زيد الخير و أنار له قبره و أسكنه فسيح جناته إنه ولي ذلك و القادر عليه .
* * * المصدر / كتاب صور من حياة الصحابة . تأليف / د. عبد الرحمن رأفت الباشا . | |
|